إعلان طرابلس

وثائق 14 آذار
15 كانون الأول 2013

الأمانة العامة
قوى الرابع عشر من آذار
في 15 كانون الأول 2013

منذ انتفاضة الاستقلال التاريخية في العام 2005، التي انطلقت إثر اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري والتي أخرجت جيش الوصاية السورية من لبنان وأطلقت الإشارة الأولى لـ" الربيع العربي"،  لم يكفّ النظام السوري وأدواتُه اللبنانية عن محاولات تخريب لبنان والحؤول دون قيام دولته، وهم يخوضون معارك شرسة، متواصلة ويائسة، لكنها تبقى شديدة الأذى للبنان دولةً وشعباً وأسلوب عيش، خصوصاً إذا لم تتمكن قوى الإلتزام الوطني والإعتدال من التضامن الفعّال فيما بينها  وبالأخص إذا استمرّت السلطة الشرعية في التهيُّب والانكفاء.
لقد عانى الشمال وعاصمته طرابلس من استهداف تخريبي قام به النظام السوري بأدوات محليّة وبدعم إيراني، وترافق مع حملة إعلامية تضليلية انتقاماً من دور طرابلس الأساسي في معركة الاستقلال.
-    في العام 2007 جرت محاولةُ إسقاط الدولة اللبنانية من بوابة الشمال، بواسطة مجموعات إرهابية اعدّها النظام السوري وسمّاها "منظمة فتح الإسلام". وقد خاضت تلك المنظمة، بالتعاون الميداني والسياسي مع أدوات النظام السوري المختلفة، حرباً فعلية ضد الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي على مدى ثلاثة اشهر في مخيم نهر البارد ومحيطه، أدّت إلى تدمير المخيم وتشريد أهله، فضلاً عن قتل العشرات من المدنيين الأبرياء، لبنانيين وفلسطينيين، واستشهاد عدد كبير من ضباط الجيش اللبناني وأفراده؛ وهؤلاء ينتمون بأغلبيتهم – كما هو معلوم – إلى المقلع الشمالي للجيش اللبناني. غير أن تلك المؤامرة الإجرامية سقطت سقوطاً ذريعاً أمام إصرار السلطة الشرعية على حماية السيادة اللبنانية، وتبرُّوء المسلمين اللبنانيين من عصابةٍ تدّعي النُطق باسم الإسلام، إضافةً إلى تضامن لبناني غير مسبوق في لبنان عامةً وفي طرابلس والشمال خاصةً مع الجيش اللبناني ووقوف الشرعية الفلسطينية خلف قرار السلطة اللبنانية. هذا رغم "الخط الأحمر" الشهير الذي وضعه "حزب الله" آنذاك أمام الجيش اللبناني.
-    وفي العام 2008 وبالتزامن مع اجتياح بيروت انفجر الوضع الأمني في طرابلس بين بعل محسن ومحيطها ناكئاً بذلك الجرح القديم في الساحة الطرابلسية والذي خلّفه الصراع السوري الفلسطيني إثر حرب الجبل، لتُستعمل طرابلس من جديد كصندوق بريد سياسي ساخن في السياسة الإقليمية والوطنية، حتى بات تأخير تأليف حكومة أو الإختلاف على صياغة البيان الوزاري أو أي تجاذب سياسي حاد آخر سبباً في تفجير الوضع الأمني في المدينة. واليوم مع اتساع المواجهات المسلحة في سوريا بين النظام والمعارضة الوطنية، ومنذ العام 2012 حتى الآن، وُضعت طرابلس والشمال مجدداً على امتداد خط النار السوري. في هذا السياق يتمّ انتهاك السيادة اللبنانية بالقصف واختراق الحدود من قبل الجانب السوري بصورة متواصلة، كما جرى إعادة إشعال معارك طرابلس بين جبل محسن ومحيطه وإلباسها رداءً مذهبياً، بالإضافة إلى سلسلة التفجيرات والاغتيالات المعروفة الآمرين والمخططين والفاعلين ، بحيث بات الشمال وعاصمتُه رهينةً في قبضة الإجرام الأسدي والاضطراب العبثي.
إن الفارق الجوهري والحاسم – في رأينا – بين ما حدث عام 2007 وما يحدث منذ سنتين، هو تهيّب السلطة اللبنانية الذي أدّى إلى تردّدها الموصوف في الحالة الثانية المتمادية. هذا رغم إجماع الغالبية الساحقة من القيادات الوطنية والشمالية والطرابلسية على أن سلطة الدولة، والدولة وحدها، هي المطلب والحلّ الوحيد، ورغم المناشدات المتكررة إلى حدّ انقطاع الرجاء من وعود المساء التي تُنكثُ في اليوم التالي. ولقد بيّنت التجربة، بالوقائع الملموسة، أن تراجع السلطة وتعطيل القانون يؤديان بالضرورة إلى إعمال قانون الزواريب وردود الفعل الغريزية والفوضى المدبّرة. وفي مثل هذه الحالة ليس مجدياً طلب الأمن بالتراضي، بل ينبغي فرضُه بقوة القانون مع تجريم اي غطاء سياسي لأي مخالف.

إن المشاركين في هذا المؤتمر الوطني، ومن عاصمة الشمال، قد أجمعت مداولاتهم واتفقت كلمتهم على:
1-    العمل على تطبيق العدالة التي هي الأساس لكل ملك وحكم، بدأً بـ ملاحقة وتوقيف ومحاكمة كل الفاعلين والمحرّضين والمتدخّلين في جريمة مسجدي التقوى والسلام. وملاحقة كل مرتكبي جرائم القتل والإعتداء على الناس في أنفسهم واموالهم، إلى جرائم فرض الخوّات واحتلال الأملاك العامة والخاصة ومنع حمل السلاح والظهور المسلّح.
2-    دعم القوى الأمنية من جيش وقوى أمن داخلي مادياً ومعنوياً وسياسياً من أجل فرض الأمن وإعادة الاستقرار إلى كافة ربوع المدينة.
3-    الطلب إلى الجيش وقوى الأمن الداخلي فرض الأمن بالحزم اللازم من دون أي إفراط في استعمال القوة وبعدالة كاملة شاملة غير إنتقائية لا تَفسح في المجال لهواجس الإنحياز عند أي فريق، وعلى اعتبار أن فرض الأمن يتم في بيئة وطنية غير معادية. خاصةً أنه قد ثبت للجميع قدرة الجيش على ضبط الوضع متى أراد.
4-    إعادة بناء جسور الثقة بين الدولة الراعية بكل مؤسساتها وبين الناس من خلال توفير العدالة السريعة والأمن للجميع.
5-    وضع خطة شاملة للتنمية الإجتماعية والإقتصادية لكل مناطق الحرمان في المدينة توفّر التعليم وفرص العمل لمن حُرموا منها وتكون على ثلاث مراحل:
مرحلة أولى سريعة توفّر الخدمات الطبية والإستشفائية والغذائية الفورية لمناطق الحرمان والإقتتال، ومرحلة متوسطة توفّر للشباب العاطل عن العمل فرصة تعلّم حرفة للكسب وفرص عمل يمكن أن يكون بينها الإنخراط في الأسلاك العسكرية، ومرحلة ثالثة طويلة الأمد يكون هدفها إعلان الحرب على الفقر للعمل على اقتلاعه وتكون مبنية على معالجة الأسباب وليس نتائجها فقط.
6-    الطلب إلى الإعلام الوطني الرسمي والخاص بالمساهمة في نشر وعي والتزام وطني في صفوف الناس، يقوم على إبراز القيم الإنسانية والسماوية التي تدعو إلى المحبة والتسامح ورذل العنف، ولا يفسح في المجال للتطرف وأهله في الترويج لأي فعل أو رد فعل عليه.
7-    التحضير لمصالحة وطنية على غرار ما حصل في جبل لبنان، تقوم على التعويض على ضحايا العنف والإقتتال، على أن يُبدأ في تنفيذها بعد إحلال الأمن في جو سليم خالٍ من التوتّر.
8-    التأكيد على أن طرابلس مدينة حاضنة للجميع ومتواصلة مع كل محيطها تتفاعل معه.
9-    نشر الجيش على الحدود الشمالية والشرقية والإستعانة بقوات الطوارئ الدولية تنفيذاً للقرار 1701 لضبط الحدود بدون أي استثناء.
اتفق المجتمعون على متابعة تنفيذ هذه المقررات من خلال لجنة متابعة مؤلفة من أعضاء الأمانة العامة لقوى 14 آذار يمثلون معظم القوى السياسية بالإضافة إلى ممثلين عن كافة القوى السياسية في مدينة طرابلس.