ورقة التفاهم بين حزب الله والتيار الوطني الحر

وثائق لبنانية
6 شباط 2006

6 شباط 2006

1 ـ الحوار:
ان الحوار الوطني هو السبيل الوحيد لايجاد الحلول للأزمات التي يتخبط فيها لبنان، وذلك على قواعد ثابتة وراسخة، هي انعكاس لإرادة توافقية جامعة، ما يقتضي توفر الشروط الضرورية التالية لنجاحه:
أ ـ مشاركة الأطراف ذات الحيثية السياسية والشعبية والوطنية، وذلك من خلال طاولة مستديرة.
ب ـ الشفافية والصراحة، وتغليب المصلحة الوطنية على أي مصلحة أخرى، وذلك بالاستناد الى ارادة ذاتية، وقرار لبناني حر وملتزم.
ج ـ شمول كل القضايا ذات الطابع الوطني، والتي تقتضي التوافق العام.

2 ـ الديمقراطية التوافقية:
ان الديموقراطية التوافقية تبقى القاعدة الأساس للحكم في لبنان، لأنها التجسيد الفعلي لروح الدستور، ولجوهر ميثاق العيش المشترك. من هنا فإن أي مقاربة للمسائل الوطنية وفق معادلة الأكثرية والأقلية تبقى رهن تحقق الشروط التاريخية والاجتماعية للممارسة الديمقراطية الفعلية التي يصبح فيها المواطن قيمة بحد ذاته.

3 ـ قانون الانتخاب:
ان اصلاح وانتظام الحياة السياسية في لبنان تستوجبان الاعتماد على قانون انتخاب عصري، قد تكون النسبية احد اشكاله الفعالة، بما يضمن صحة وعدالة التمثيل الشعبي ويسهم في تحقيق الأمور التالية:
1 ـ تفعيل عمل الأحزاب وتطويرها وصولاً الى قيام المجتمع المدني.
2 ـ الحد من تأثير المال السياسي والعصبيات الطائفية.
3 ـ توفر فرص متكافئة لاستخدام وسائل الاعلام المختلفة.
4 ـ تأمين الوسائل اللازمة لتمكين اللبنانيين المقيمين في الخارج من ممارسة حقهم الانتخابي.
ان الحكومة والمجلس النيابي مطالبان بالتزام أقصر المهل الزمنية الممكنة لإقرار القانون الانتخابي المطلوب.

4 ـ بناء الدولة
ان بناء دولة عصرية تحظى بثقة مواطنيها وقادرة على مواكبة احتياجاتهم وتطلعاتهم وعلى توفير الشعور بالأمن والأمان على حاضرهم ومستقبلهم، يتطلب النهوض بها على مداميك راسخة وقوية لا تجعلها عرضة للاهتزاز والأزمات الدورية كلما أحاطت بها ظروف صعبة، أو متغيرات مفصلية، الأمر الذي يفرض مراعاة التالي:
أ ـ اعتماد معايير العدالة والتكافؤ والجدارة والنزاهة.
ب ـ ان القضاء العادل والنزيه هو الشرط الضروري لإقامة دولة الحق والقانون والمؤسسات، وهذا يستند الى:
1 ـ الاستقلالية التامة لمؤسسة القضاء واختيار القضاة والمشهود لهم بالكفاءة بما يفعل عمل المحاكم على اختلافها.
2 ـ احترام عمل المؤسسات الدستورية وابعادها عن التجاذبات السياسية وتأمين استمرارية عملها وعدم تعطيلها (المجلس العدلي والمجلس الدستوري) ويشكل ما جرى في المجلس الدستوري نموذجاً لعملية التعطيل خاصة في مسألة الطعون النيابية المقدمة أمامه والتي لم يجر البت بها الى الآن.
ج ـ معالجة الفساد من جذوره، حيث ان المعالجات الظرفية والتسكينية لم تعد كافية، وانما باتت مجرد عملية تحايل تقوم بها القوى المستفيدة من الفساد بكل مستوياته لإدامة عملية نهبها لمقدرات الدولة والمواطن معاً. وهذا ما يتطلب:
1 ـ تفعيل مؤسسات ومجالس الرقابة والتفتيش المالي والاداري، مع التأكيد على فصلها عن السلطة التنفيذية واسترجاع المال العام المنهوب.
3 ـ تشريع ما يلزم من قوانين تسهم في محاربة الفساد بكل أوجهه والطلب الى الحكومة توقيع لبنان على معاهدة الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.
4 ـ العمل على اصلاح اداري شامل يكفل وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، لا سيما أولئك المشهود لهم بالجدارة والكفاءة ونظافة الكف، وذلك عبر تفعيل دور مجلس الخدمة المدنية وقيامه بصلاحياته الكاملة.
ـ وضع مهل زمنية لمعالجة هذه القضايا لأن عامل الوقت بات مميتاً، والأمر يتطلب معالجات حكيمة وسريعة في آن، وتستخدم الوقت لمصلحتها بدل ان يستخدمه الفاسدون لمصلحتهم.

5 ـ المفقودون خلال الحرب:
ان طي صفحة الماضي واجراء المصالحة الوطنية الشاملة يتطلبان انهاء ما بقي من ملفات الحرب العالقة. وان ملف المفقودين في الحرب يحتاج الى وقفة مسؤولة تنهي هذا الوضع الشاذ وتريح الأهالي الذي لا يمكن مطالبتهم بالمسامحة من دون احترام حقهم بمعرفة مصير أبنائهم، لذلك نطلب من كافة القوى والأحزاب التي شاركت في الحرب التعاون الكامل لكشف مصير المفقودين وأماكن المقابر الجماعية.

6 ـ اللبنانيون في اسرائيل:
انطلاقاً من قناعتنا بأن وجود أي لبناني على أرضه هو أفضل من رؤيته على أرض العدو فإن حل مشكلة اللبنانيين الموجودين لدى اسرائيل يتطلب عملاً حثيثاً من اجل عودتهم الى وطنهم آخذين بعين الاعتبار كل الظروف السياسية والأمنية والمعيشية المحيطة بالموضوع لذلك نوجه نداء لهم بالعودة السريعة الى وطنهم استرشاداً بنداء سماحة السيد حسن نصرالله بعد الانسحاب "الاسرائيلي" من جنوب لبنان واستلهاماً بكلمة العماد عون في اول جلسة لمجلس النواب.

7 ـ المسألة الأمنية:
أولاً: في الاغتيال السياسي:
ان كل شكل من اشكال الاغتيال السياسي هو امر مدان ومرفوض لتناقضه مع الحقوق الأساسية للانسان، ومع اهم ركائز وجود لبنان المتمثلة بالاختلاف والتنوع، ومع جوهر الديموقراطية وممارستها.
من هنا، فإننا بقدر ما ندين عملية اغتيال وصولاً الى اغتيال النائب جبران التويني، نشدد على أهمية استمرار التحقيق وفق الآليات المقررة رسمياً وصولاً الى معرفة الحقيقة فيها، التي هي أمر لا يمكن اخضاعه لأي مساومة، باعتباره الشرط الضروري لإحقاق العدالة وانزالها بحق المجرمين، ولوقف مسلسل القتل والتفجير. لذا، من الواجب ابعاد هذه القضايا من محاولات التوظيف السياسي التي تسيء لجوهرها، ولجوهر العدالة التي يجب ان تبقى فوق اي نزاعات او خلافات سياسية.
ثانياً، في الاصلاح الامني:
ان اصلاح الاجهزة الامنية جزء لا يتجزأ من عملية الاصلاح الشامل لمؤسسات الدولة الاساسية، ولاعادة بنائها على قواعد صحيحة وثابتة.
ونظراً للموقع الحساس الذي تحتله الاجهزة الامنية في حفظ وحماية الاستقرار الامني في البلاد ازاء اي خروقات او تهديدات تمسه، يجب ايلاء عملية بنائها عناية مركزة، من هنا فان الحكومة مدعوة لتحمل مسؤولياتها كاملة وفق التالي:
أ ـ وضع خطة امنية متكاملة تقوم على مركزية القرار الامني تنهض على تحديد واضح للعدو من الصديق، ولمكامن التهديد الامني ومنها مسألة الارهاب والثغر الامنية الواجب معالجتها.
ب ـ تحييد الاجهزة الامنية عن الاعتبارات والمحسوبيات السياسية وان يكون ولاؤها وطنياً بالكامل.
ج ـ ايلاء مسؤولياتها لشخصيات مشهود لها بالكفاءة ونظافة الكف.
د ـ ان الاجراءات الامنية يجب ان لا تتناقض مع الحريات الاساسية التي نص عليها الدستور وفي طليعتها حرية التعبير والممارسة السياسية، من دون ان يؤدي ذلك الى الاخلال بالامن والاستقرار العام.
هـ تشكيل لجنة برلمانية ـ امنية تواكب عملية الاصلاح والبناء الامنيين وتراقبهما.

8 ـ العلاقات اللبنانية ـ السورية:
ان اقامة علاقات لبنانية ـ سورية سوية وصحيحة تقتضي مراجعة التجربة السابقة باستخلاص ما يلزم من العبر والدروس ولتلافي ما علق بها من اخطاء وشوائب وثغرات، وبما يمهد الطريق للنهوض بهذه العلاقات على اسس واضحة من التكافؤ والاحترام الكامل والمتبادل لسيادة الدولتين واستقلالهما على قاعدة رفض العودة الى اي شكل من اشكال الوصاية الخارجية. لذا يجب:
أ ـ اتخاذ الحكومة اللبنانية كافة الخطوات والاجراءات القانونية المتعلقة بتثبيت لبنانية مزارع شبعا وتقديمها الى الامم المتحدة وذلك بعد ان اعلنت الدولة السورية لبنانيتها الكاملة.
ب ـ ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا بعيداً عن التشنجات التي تؤدي الى تعطيل العملية التي طالما احتاج لبنان وسوريا الى انهائها ضمن اتفاق البلدين.
ج ـ مطالبة الدولة السورية بالتعاون الكامل مع الدولة اللبنانية من اجل كشف مصير المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية في اجواء بعيدة عن الاستفزاز والتوتر والسلبية التي من شأنها اعاقة البت في هذا الملف على نحو ايجابي.
د ـ إقامة علاقات ديبلوماسية بين البلدين وتوفير الظروف الملائمة لها بما ينقل العلاقة من الافراد والمجموعات الى علاقة بين المؤسسات بحيث تؤمن استمرارها وثباتها.

9 ـ العلاقات اللبنانية ـ الفلسطينية:
ان معالجة الملف الفلسطيني تتطلب مقاربة شاملة تؤكد من جهة احترام الفلسطينيين لسلطة الدولة اللبنانية والتزامهم بقوانينها، وتجدد اخرى التضامن مع قضيتهم واستعادتهم لحقوقهم وذلك حسب القواعد التالية:
أ ـ ان الوضع الاجتماعي للفلسطينيين يستدعي الاهتمام الشديد لناحية تحسين الظروف المعيشية وتأمين المستوى اللائق لاسس الحياة الانسانية الكريمة وفق ما يقتضيه التعاون الثنائي وشرعة حقوق الانسان اضافة الى اعطائهم التسهيلات اللازمة للانتقال داخل وخارج الاراضي اللبنانية.
ب ـ ان حق العودة للفلسطينيين هو امر اساسي ثابت، ورفض التوطين هو امر يجمع عليه اللبنانيون ولا يمكن التراجع عنه بأي شكل من الاشكال.
ج ـ تحديد العلاقة بين الدولة اللبنانية والفلسطينيين في اطار مؤسساتي فلسطيني واحد يكون ممثلاً شرعياً للشعب الفلسطيني في لبنان بما يؤمن حسن التنسيق والتعاون.
د ـ معالجة ملف انهاء السلاح الفلسطيني خارج المخيمات وترتيب الوضع الامني داخلها يجب ان يتم في اطار من الحوار الجاد والمسؤول والحثيث بين الحكومة اللبنانية والفلسطينيين بما يؤدي الى بسط سلطة الدولة وقوانينها على كافة الاراضي اللبنانية.

10 ـ حماية لبنان وصيانة استقلاله وسيادته:
ان حماية لبنان وصون استقلاله وسيادته هما مسؤولية وواجب وطني عام تكفلهما المواثيق الدولية وشرعة حقوق الانسان لا سيما في مواجهة اي تهديدات او اخطار يمكن ان تنال منهما من اي جهة اتت. من هنا، فان حمل السلاح ليس هدفاً بذاته وإنما وسيلة شريفة مقدسة تمارسها اي جماعة تحتل ارضها تماماً كما هي اساليب المقاومة السياسية.
وفي هذا السياق فان سلاح حزب الله يجب ان يأتي من ضمن مقاربة شاملة تقع بين حدين: الحد الاول هو الاستناد الى المبررات التي تلقى الاجماع الوطني والتي تشكل مكامن القوة للبنان واللبنانيين في الابقاء على السلاح، والحد الآخر هو تحديد الظروف الموضوعية التي تؤدي الى انتفاء اسباب ومبررات حمله.
وبما ان "اسرائيل" تحتل مزارع شبعا وتأسر المقاومين اللبنانيين وتهدد لبنان فان على اللبنانيين تحمل مسؤولياتهم وتقاسم اعباء حماية لبنان وصيانة كيانه وأمنه والحفاظ على استقلاله وسيادته من خلال:
1 ـ تحرير مزارع شبعا من الاحتلال "الاسرائيلي".
2 ـ تحرير الاسرى اللبنانيين من السجون الاسرائيلية.
3 ـ حماية لبنان من الاخطار الاسرائيلية من خلال حوار وطني يؤدي الى صياغة استراتيجية دفاع وطني يتوافق عليها اللبنانيون وينخرطون فيها عبر تحمل اعبائها والافادة من نتائجها.