برنامج المعارضة اللبنانية

وثائق لبنانية
13 كانون الأول 2004

13 كانون الأول 2004
        
دخل لبنان مرحلة بالغة الخطورة بسبب الاصرار على التمديد للوضع الكارثي القائم وذلك من خلال تمديد ولاية الرئيس اميل لحود خلافا للدستور، الامر الذي وضع لبنان في مواجهة خطيرة مع الشرعية الدولية. وجاءت هذه الازمة لتؤكد تخلف السلطة منذ نهاية الحرب في بناء دولة قادرة على رعاية شؤون اللبنانيين، وذلك عبر الخرق المتمادي لاتفاق الطائف في بعديه الداخلي والخارجي، وضرب المؤسسات العامة وتعطيل مبدأ فصل السلطات وتسخير القضاء وقمع الحريات واستشراء الفساد وتفاقم المديونية وازدياد الفقر وافراغ البلاد من طاقاتها البشرية، وبصورة خاصة الشباب، وتدمير البيئة وصولا الى انهيار نظام القيم، اضافة الى ذلك، فإن ابواب تداول السلطة والتغيير بقيت مقفلة بسبب تعطيل الآليات الديموقراطية وتحويل النظام السياسي الى نظام امني تشرف عليه وتديره الاجهزة السورية وملحقاتها اللبنانية.

تأسيساً على ما تقدم، ترى قوى المعارضة ان المدخل الاساس لاخراج لبنان من ازمته هو في قيام دولة مستقلة، سيدة، حرة، عربية، ديموقراطية، قادرة على توفير الحياة الكريمة لمواطنيها وعلى تعبئة الطاقات اللبنانية لمواجهة الاستحقاقات الداهمة على اكثر من صعيد.

ان قوى المعارضة تعتبر ان السبيل الوحيد لقيام سلطة فاعلة وجديرة بالاحترام هو في اعادة الاعتبار لحق اللبنانيين في اختيار سلطتهم عبر اجراء انتخابات نيابية حرة ونزيهة. وحيث ان الحكومة الحالية قد ظهر بوضوح من تركيبتها وتصرفاتها انها حكومة كيدية تعمل على تقسيم اللبنانيين وتناصب فريقاً كبيراً منهم العداء، فهي حكومة لا تستطيع الاشراف على هذه الانتخابات، ولا بد بالتالي من استقالتها وتأليف حكومة حيادية تتشكل من شخصيات مستقلة، شجاعة، ونزيهة وموثوقة تتولى:

أ ـ اصدار قانون انتخاب عصري وديموقراطي يؤمن صحة التمثيل الشعبي وصدقيته.

ب ـ منع الاجهزة الامنية السورية وملحقاتها اللبنانية من التدخل في الحياة السياسية وبصورة خاصة في العملية الانتخابية.

ج ـ رفع يد الاجهزة عن الاعلام ومنع تمويل الحملات الانتخابية من المال العام والصناديق السوداء ومكافحة الرشوة واستعمال الاموال الخاصة لتزوير ارادة الناخبين.

د ـ تعيين اعضاء جدد محل الذين انتهت مدتهم في المجلس دستوري على ان يتم اختيارهم من بين رجال القانون الذين يتمتعون بالكفاءة والنزاهة والاستقلالية من اجل اعادة الاعتبار والثقة الى هذه المؤسسة الدستورية الاساسية.

واستنادا الى ذلك يتعين ان ينبثق عن المجلس النيابي الجديد، حكومة انقاذية تتولى:

على الصعيد السياسي

1 ـ العمل على تنفيذ اتفاق الطائف في بنوده الداخلية، كما في البنود المتعلقة بالوجود السوري في لبنان، واستعادة اللبنانيين حقهم في ادارة شؤونهم بأنفسهم في اطار دولة حرة ديموقراطية سيدة مستقلة، والشروع في بناء علاقات ندية مع سورية واعادة النظر في بعض الاتفاقات المعقودة بما يكفل توازنها ويضمن مصلحة البلدين، وذلك مع تسجيل تمايز بين قوى المعارضة في ما خص الوجود السوري في لبنان.

2 ـ اعادة احياء النظام الديموقراطي والمبادئ الأساسية التي يقوم عليها مع ما يؤمنه من حرية واستقلالية للسلطة القضائية واحياء لمؤسسات الرقابة، واطلاق ورشة اصلاح لتحديث الادارة، ومحاربة الفساد ووقف عمليات الانتفاع والاثراء غير المشروع بحكم النفوذ واستغلال المنصب، ورفع الحماية عن كل اشكال المصالح المافيوية والاحتكارات غير المشروعة، والكف عن تقاسم مؤسسات الدولة بين المسؤولين، والعمل على استعادة ثقة الداخل والخارج بلبنان من خلال اثبات قدرة النظام اللبناني على العمل مجددا وفق قواعد الحق والدستور والقانون وبمنأى عن تأثير مراكز النفوذ والاجهزة الامنية اللبنانية والسورية وتدخلاتها غير المشروعة، سواء لدى القضاء والادارات الرسمية ام لدى شركات القطاع الخاص وأفراده.

3 ـ تأكيد دور لبنان كشريك فاعل في الصراع العربي الإسرائيلي وحق الدولة اللبنانية وواجبها في تقرير مسألة الحرب والسلم ومحاذرة السياسات التي تعيد تحويل لبنان الى مجرد ساحة تجاذب ومساومة، واحتضانها القوى التي ساهمت في معركة التحرير من الاحتلال الإسرائيلي وحمايتها من أي استهداف ورفض جميع محاولات إضفاء صفة الإرهاب عليها، مع إقرار التباين بين قوى المعارضة في الموقف من استمرار عمل المقاومة وإرسال الجيش الى الجنوب.

4 ـ الإلتزام بحقوق الانسان وبالحريات العامة والخاصة، ولاسيما حق المواطن في الرأي والتعبير والتجمع والانتظام في أحزاب وجمعيات ونقابات واتحادات مع احترام كامل لأنظمتها بعيداً عن تدخل السلطة وأجهزتها، واحترام حرمة المراسلات والاتصالات والتنقل، واحترام حقوق الأفراد في كل ما يتعلق بالادعاء ضدهم أو توقيفهم أو استدعائهم أمام القضاء، مع التأكيد على ضرورة حماية حرية الإعلام من أي تعسف سلطوي والعودة عن الإجراءات الكيدية التي أدّت الى إغلاق محطة أم.تي.في M.T.V.

5 ـ رفض كل أشكال النظام الأمني، وحصر دور الأجهزة الأمنية بالأمن العسكري دون سواه وإخضاعها للسلطة السياسية ووضع حد لتدخلها في الشأن السياسي، وإلغاء خدمة العلم، وحصر صلاحيات المحكمة العسكرية بشؤون المؤسسة العسكرية.

6 ـ إطلاق المعتقلين السياسيين جميعاً ولاسيما الدكتور سمير جعجع، وتأمين عودة المنفيين والمبعدين جميعاً ولاسيما العماد ميشال عون.

7 ـ تأكيد التضامن مع الشعب الفلسطيني في نضاله لبناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس، والتأكيد على حق العودة للفلسطينين، ورفض توطينهم في لبنان والعمل على تسليم أسلحة المخيمات الفلسطينية سلمياً، وتأمين الحقوق الاجتماعية والمعيشية والانسانية للفلسطينيين في انتظار الحل الذي يتيح لهم الانضمام الى الدولة الفلسطينية المستقلة العتيدة.

8 ـ تجديد دور لبنان العربي والمساهمة في الجهود المبذولة لاستعادة الحقوق العربية كاملة ومواجهة التخلف وتأمين التطور الديموقراطي للمجتمعات العربية التي بدأت تستعيد حيويتها المفقودة اثر تهميش دام طويلاً، ورفض مبدأ الوصاية على مسار التطور لأي شعب من الشعوب، والعمل على اشتقاق طريق عربية نحو الحداثة والتقدم، والمساهمة من هذا الموقع في حوار الحضارات من أجل عالم أكثر توازناً وتضامناً وعدلاً.

9 ـ التمسك بالقانون الدولي والشرعية الدولية وتأكيد رفض منطق القوة والتفرد، والتواصل مع الرأي العام العالمي الذي يدعو الى الحوار لحل المشكلات القائمة من أجل عالم أكثر عدلاً واستقراراً يقوم على الإقرار بالمساواة في الحقوق والكرامة وفرص التقدم بين الشعوب برغم الاختلاف في الهويات والخصوصيات.

على الصعيد الاقتصادي ـ الاجتماعي

1 ـ إعطاء الأولوية المباشرة لعملية الإصلاح المالي من أجل كسر الحلقة المفرغة القائمة بين استمرار تنامي الدين العام واستمرار العجز المرتفع في الموازنة، والحرص على ترشيد الاستفادة من الدعم العربي والدولي في هذا المجال.

2 ـ افتتاح ورشة وطنية عامة لإعادة بناء اقتصاد انتاجي حديث ينشط الحركة الاقتصادية ويحفّز على الاستثمار الداخلي والخارجي ولاسيما مشاركة المغتربين فيه بما يعزز التنمية المستدامة ويؤمن العدالة الاجتماعية في الداخل ويتيح المنافسة في الخارج.

3 ـ تحقيق التوازن والتكامل بين القطاعات، عبر دعم قطاعي الزراعة والصناعة وجعلهما أكثر اختصاصاً وأكثر قدرة تنافسية وحمايتهما من المنافسة غير المشروعة والتهريب عبر الحدود المشرعة، وتعزيز التقدم المحرز في قطاعات المال والسياحة وخدمات المعرفة".

4 ـ الحرص على الوظيفة الاجتماعية للدولة وتجديد الرأسمال البشري للبنان من خلال:

أ ـ سياسة تربوية تكفل تطويراً متواصلاً للنظام التعليمي بكل مكوناته ولاسيما التعليم الرسمي والجامعة اللبنانية.
ب ـ سياسة صحية وطنية تتجاوز الواقع الحالي المكلف والقليل الفاعلية والعدالة نحو توفير تغطية صحية سليمة للبنانيين كافة.
ج ـ سياسة تشغيل فاعلة تتولى الربط بين سوق العمل والنظام التعليمي، وتوفير التأهيل المهني المتواصل للقوى العاملة اللبنانية للحفاظ على تنافسيتها، وتنظيم دخول العمالة غير اللبنانية وفقاً لحاجات السوق فقط. والاستفادة القصوى من طاقات الانتشار اللبناني.

5 ـ دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتأمين حضور أكبر للمرأة والشباب في الشأن العام والتعليم والاقتصاد وسوق العمل، واستعادة استقلالية العمل النقابي، وتوسيع نطاق الطبقة الوسطى كي تشكل صمام أمان اجتماعي، وتعزيز أنظمة الحماية الاجتماعية، وتوفير الرعاية للفئات المستضعفة والسعي الدؤوب الى دمجها اقتصادياً واجتماعياً.

6 ـ إيلاء التوازن البيئي اهتماماً خاصاً، من أجل إصلاح ما يتعرض له اللبنانيون من تشويه لإطار حياتهم المدينية والريفية وما يتعرض له لبنان من انحسار للمساحات الخضراء وتلويث للهواء والماء وانتهاك للشواطئ والجبال واستغلالها العشوائي من قبل المتنفذين، وإنجاز مخطط عام لتنظيم الأراضي واستخدامها.

وبعد فإن قوى المعارضة اللبنانية، إذ تؤكد حرصها على التنوع ضمن الوحدة، تتقدم من اللبنانيين بوثيقتها البرنامجية هذه التي ضمنتها بعض الخيارات والاقتراحات الكفيلة بإخراج لبنان مما يتخبط فيه من أزمات، وهي تعتبر الانتخابات النيابية المقبلة محطة أساسية على هذا الطريق وتعاهد اللبنانيين على خوض هذه المعركة متكافلة متضامنة في كل لبنان من أجل مستقبل أفضل، لنا جميعاً، طال انتظاره، وهو ليس ببعيد".

حضر اللقاء النواب: الرئيس أمين الجميل، وليد جنبلاط، بطرس حرب، غازي العريضي، نسيب لحود، انطوان غانم، جورج ديب نعمة، فؤاد السعد، علاء الدين ترو، انطوان حداد، نديم سالم، فارس سعيد، نعمة طعمة، ايمن شقير، فريد مكاري، عبد الله فرحات، صلاح حنين، أحمد فتفت، محمد الحجار، مصباح الاحدب، انطوان اندراوس، هنري حلو، منصور غانم البون، فؤاد السعد، ناظم الخوري، اضافة الى شخصيات وقيادات من اللقاء الديموقراطي، اليسار الديموقراطي، حركة التجدد الديموقراطي، المنبر الديموقراطي، الحزب التقدمي الاشتراكي، التيار العوني، والقاعدة الاصلاحية الكتائبية.
كما حضر عميد الكتلة الوطنية كارلوس ادة، رئيس حزب الوطنيين الاحرار دوري شمعون، سمير فرنجية، ميشال معوض، كبريال المر، زياد عبس عن التيار العوني، ادي ابي اللمع وجان عزيز عن "القوات اللبنانية"، توفيق سلطان، وحشد من الشخصيات والقوى السياسية والاجتماعية والثقافية والطلابية.
ولوحظ حضور واسع لتنظيمات طلابية من منظمة الشباب التقدمي والتجمع الديموقراطي وشباب بلا حدود وغيرهم.
جلس الى المنصة خلال اللقاء أعضاء اللجنة التحضيرية رئيس "المنبر الديموقراطي" النائب حبيب صادق، وائل أبو فاعور، سمير فرنجية، حكمت العيد وانطوان حداد.