مذكرة لقاء قرنة شهوان الى القمة العربية التجربة اللبنانية ضمان للعرب

وثائق لبنانية
25 اذار 2002

 

التجربة اللبنانية ضمان للعرب وتذكير بالتزاماتهم حيال الطائف

25 أذار 2002

يرحب "لقاء قرنة شهوان" بالملوك والامراء والرؤساء العرب المشاركين في لقاء القمة المنعقد في بيروت في تاريخ 27 و28 اذار 2002 ويتمنى لهم التوفيق والنجاح في تحديد استراتيجية عربية مشتركة لمواجهة تحديات المرحلة، خصوصاً تلك المتمثلة بالحرب التي تشنها اسرائيل على الشعب الفلسطيني لضرب مقومات الدولة الفلسطينية المنشودة والتمهيد لعملية تهجير واسعة النطاق قد تؤدي الى تكرار مأساة عام 1948 وتقضي على كل الآمال في التوصل الى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية وتجعل من المنطقة بؤرة متفجرة تهدد السلام في العالم.

 

ومن التحديات الاخرى التي ينبغي تحديد سبل مواجهتها تلك الناجمة عن احداث 11 ايلول الماضي وما تبعتها من حروب وتهديدات وما قد تسفر عنها من اخطار جسيمة، خصوصاً خطر انزلاق ردود الفعل بحيث تحدث فرزاً جديداً في العالم يحل مكان الفرز الذي كانت قد احدثته الحرب الباردة.

 

ويؤكد اللقاء في هذا المجال ان للبنان دوراً بالغ الاهمية في المساهمة في هذه الاستراتيجيا، وذلك على اكثر من صعيد وخصوصاً:

 

- على الصعيد العربي، ان لبنان مهيأ، بسبب تجربته التاريخية للمساهمة في مصالحة المنطقة العربية مع ذاتها ومع العصر. ان استعادة لبنان معناه ومعنى تجربته التاريخية لا توفر ضماناً لمستقبل اللبنانيين فحسب، بل تشكل ضرورة لمحيطهم العربي وتساعد في تجاوز هذه المرحلة الخطرة المسكونة بأشباح الحروب وبالصراعات على اختلاف اشكالها. من هنا ينبغي العمل على تجديد دور لبنان وجعل التجربة اللبنانية في صيغتها المتجددة نموذجاً يمكن الافادة منه في العالم العربي بصفته نمطاً حضارياً في البحث عن العيش المشترك والترقي في مجتمعات تتميز بالتنوع والتعدد، ومدخلاً لاعادة تعريف العروبة بصفتها رابطة حضارية تقرب بين العرب لا مشروعاً سياسياً يباعد بينهم، وبصفتها ايضاً مدخلاً لتجديد مساهمة العرب في الحضارة العالمية.

 

- على الصعيد العام، يمثل لبنان حاجة مستمرة الى تفاعل خلاق بين المسيحية والاسلام، وفرصة للاغتناء الروحي المتبادل من خلال العيش المشترك المؤسس على الحرية والمساواة، والقائم على التنوع في اطار وحدة تحترم الاختلاف. ان هذه الحاجة اصبحت اليوم اكثر الحاحاً من اي وقت مضى ذلك ان المواجهة بين الشرق والغرب اخلت مكانها لمواجهة بين الشمال والجنوب. وكأنه مقدر لهذه المواجهة ان تعبر عن نفسها ليس بصيغة سياسية وانما بصيغة دينية تجر الاديان الى التصادم بدل التفاعل. ان المسيحيين في لبنان والعالم العربي مدعوون الى محاربة نزعة بعض الغرب التي تنظر الى المسلمين وكأنهم يشكلون تهديداً، والتي تؤدي الى رسم حدود دامية بين المسلمين والمسيحيين. كما ان المسلمين في لبنان والعالم العربي مدعوون الى التصدي لنظرية الحرب الدينية التي ينادي بها بعض المتطرفين والى تأكيد عزمهم على الحفاظ على التنوع والتعدد والتفاعل الاسلامي المسيحي الذي تميزت به الحضارة العربية مما يظهر قدرتهم على التواصل مع سائل حضارات العالم.

 

- على صعيد التواصل مع العالم، للبنان دور مميز في شرح القضايا العربية والدفاع عنها من خلال انتشار ابنائه في كل انحاء العالم.

 

وتوقف اللقاء عند المبادرة التي اطلقها ولي العهد السعودي الامير عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وقدمها على انها تجسيد لقرارات الشرعية الدولية المكرسة للحقوق العربية السليبة فرأى انها تشكل مدخلاً مهماً الى حل عادل وشامل للصراع العربي - الاسرائيلي.

 

كما اعتبر اللقاء ان المبادرة كان لها الاثر الكبير في تفعيل الموقف الاوروبي باتجاه اكثر تفهماً للموقف العربي، والى دفع مجلس الامن، بناء على اقتراح الولايات المتحدة، الى اتخاذ قراره رقم 1397 الذي يذكر للمرة الاولى قيام دولة فلسطينية مستقلة. ان هذا التحول يحتاج الى مواقف اضافية تتعلق بمسألة الانسحاب الاسرائيلي من كل الاراضي العربية، وتأمين حق العودة للاجئين الفلسطينيين واعتبار القدس عاصمة الدولة الفلسطينية.

وفي هذا السياق، يعتبر اللقاء ان استعادة لبنان دوره يعزز قدرة العرب على مواجهة تحديات هذه المرحلة الخطيرة. وهذه المهمة هي مسؤولية عربية بامتياز وذلك للأسباب الآتية:

 

1- ان لبنان هو اكثر استهدافاً من اسرائيل. فهو مؤسس على فكرة العيش المشترك والحرية التي تحميه في حين ان اسرائيل تمثل النقيض القائم على الآحادية الدينية.

2- ان لبنان يشكل بتجربته نموذجاً عربياً قادراً على الانخراط في العالم الحديث والتفاعل معه وهذا ما يتعارض مع مصلحة اسرائىل التي تشيع ان العالم العربي غير قابل للتفاعل مع الآخر.

3- ان حجم التضحيات التي قدمها لبنان دفاعاً عن القضايا العربية وخصوصاً القضية الفلسطينية يجعله صاحب حق على اشقائه العرب.

4- ان الدول العربية لعبت دوراً اساسياً في تسهيل انجاز اتفاق الطائف الذي نص على رفض توطين الفلسطينيين وبسط سيادة الدولة اللبنانية على اراضيها كاملة بعد انسحاب الجيش السوري منها وقطعت عهداً في وضع تنفيذ هذا الاتفاق وفي دعم لبنان لاستعادة عافيته.

 

يعتبر اللقاء ان مساعدة الاشقاء العرب للبنان ايفاء لالتزاماتهم وتعزيزا ً لروح التضامن العربي وفق ميثاق الجامعة العربية، هي ضرورة ملحة لتثبيت قدرة العرب على اعادة الامساك بمصيرهم وتجاوز الازمة التي يعانونها.

فلبنان المعافى هو المثال الحي لحقيقة العروبة".